الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية المنصف بن مراد يكتب: نــاجــي جلـول ثــم الباجي قايد السّبسي

نشر في  10 ماي 2017  (12:20)

 Email: Moncefbenmrad@gmail.com

نشر ناجي جلول على صفحته الخاصة عل الفايسبوك انّه لم يجر أيّ حوار مع أيّ صحيفة تونسيّة بعد أن وقعت إقالته من وزارة التعليم، وقد ساءني كثيرا ما قرأت بما أنّي أنجزت معه يوم غرة ماي حديثا نشر على أعمدة «أخبار الجمهورية» يوم 3 ماي.
ولإنارة الرأي العام فقد كنت اتصلت به يوم غرة ماي على الساعة الحادية عشرة و33 دقيقة ـ وكان يوم عمل بالنسبة لللصّحفيين ـ وطرحت عليه عددا من الأسئلة ودام اللقاء11،33دقيقة وكانت الأسئلة التي رد عليها تتمحور حول ما يشغل الرأي العام.. ثم اتصلت به في الحادية عشرة و46 دقيقة وطلبت منه ان كان يرغب في نشر فحوى المكاملة المطوّلة فأجابني بالحرف الواحد:«انشر يا سي المنصف»!
ويوم 3 ماي حصل اتصال بيننا أعلمني خلاله انّ بعض أصدقائه أزعجهم -والكلام له- «موقفي من بعض الزملاء الوزراء» الفاشلين وأردف انه سيخلد للرّاحة بضعة أيّام وأنّه راغب في مقابلتي وكان ذلك على السّاعة الواحدة والنصف بعد الظهر..

وعندما أعلمني بعضهم انّ ناجي جلول نفى ان يكون تحاور مع أيّ صحيفة، ثارت ثائرتي لاعتقادي انّ من شيم رجل السياسة الحقيقي الثّبات على الموقف وتجنب الافتراء، فهل يعقل ان يكذبني لمجرّد أن ضغوطات مورست عليه ولأنّ مصلحته تقتضي التنكر للحديث؟ وهكذا بات التكذيب أخطر من التصريح لأنّه يعطي فكرة واضحة عن الشخص وعن الطبقة السياسيّة عامّة فهي تفتقر للمصداقيّة وهمّها الوحيد مصالحها ومنافع الكرسي ومغانمه!

وليعلم جلول أنّي لم أنقل طيلة حياتي المهنية ايّ تصريح خيالي ولم أنجز أيّ حوار وهمي لأنّي أحترم أخلاقيات الصحافة كما كوّنت العشرات من الصحافيين الذين لم يحيدوا ـ ولو قيد أنملة ـ عن مبادئ المهنة وقيمها  وذلك رغم كل المصاعب والاغراءات! فمن ضغط عليك يا جلول حتى تتراجع وترمي البعض من الصحفيين بالكذب؟ هل انّ مثل هذا السّلوك يؤهلك لأن تطمح إلى مناصب سياسيّة هامة؟ أذكّرك ـ وان كنت تعلم ذلك ـ أنّك ما كنت لتحرز ما تتمتّع به من شعبية نسبية لو لم تحاول التصدّي لبعض النقابيين المتشدّدين الذين هدّدوا بتدمير مستقبل التلاميذ باستعمال سلاح الاضرابات المسيّسة، ولتعلم أنّه ليس بإمكانك ان تلعب دورا سياسيا هاما إذا مضيت في اعتماد مثل هذا السّلوك الحربائي والتنكّر للحقيقة وأنا في انتظار أن تقدّم اعتذاراتك لشخصي وربما لأغلب الزملاء الذين نشروا لك بعض التصريحات والمواقف بعد إقالتك..
انّ التاريخ يشهد انّ كل سياسي تكون مواقفه وفق ما تمليه  الضغوطات أو ما تقتضيه مصالحه، انّما نهايته الفشل، فحذار يا ناجي جلّول..

أمّا في ما يخصّ رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي فانّه على يقين من انّ تونس في خطر، فكلّ المؤشّرات حمراء رغم كل التصريحات الرّامية لطمأنة الشعب.. لقد بات واضحا اليوم انّ تعيين الوزراء والولاة والرؤساء المديرين العامّين وحتى المعتمدين والمبني على مبدأ المحاصصة اصبح مكبّلا لمجهودات الحكومة وانّ بعض الوزراء الذين يعيّنون بناء على الصداقات مثل المهدي بن غربية واياد الدهماني وماجدولين الشارني أمر في منتهى الغرابة في حين هناك وزير تجارة يطبّق الاتفاقات مع تركيا وكأنّه ممثّل للحكومة التركية في الحكومة التونسية! انّ المحاصصة أو ترضية الأحزاب والأصدقاء كارثة تهدّد الدولة، فتونس بحاجة الى وزراء أكفّاء، لا إلى ممثلي أحزاب في التشكيلة الحكومية، ولو تواصلت المحاصصة فإن الفشل مصير الحكومة وذلك مهما كانت تركيبتها! ثمّ لابدّ من الكفّ عن التدخّل في شؤون الحكومة سواء من قبلكم أو من قبل راشد الغنوشي لأنه لا يمكن لأيّ رئيس حكومة ان يعمل وهو تحت ضغط «الشيخين»! انّي اقترح عليكما توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية حتى تضعا حدا لنظام جعل من يوسف الشاهد رهينة حزبين ورهينة مجلس الشعب، غيّرا الدستور عبر استفتاء حتى تنهيا نظاما انتخابيا وسياسيا يكبّل كل المبادرات ويجعل رئيس الحكومة ينصاع لطلبات «كبار الأحزاب». فهل هناك امكانية اعتماد الاستفتاء بعد اعداد الأرضية القانونية والدستورية؟ واعلم انّ استفتاء حول المصالحة الاقتصادية غير كاف ويؤجّج الاحتجاجات.
انّ تونس بحاجة الى حكومة «تكنوقراط» وطنيين لا يخضعون للاحتجاجات ولا للابتزاز، فكم هو مذلّ ومهين ان نشاهد وزراء يركضون نحو الولايات التي شهدت بعض التحرّكات الاحتجاجيّة في حين كان على الحكومة احترام هذه الولايات ومطالبتها بتقديم مخطّط تنموي شامل بدل اسقاطه من العاصمة!
ثمّ هنالك خمس وزارات  يجب ألاّ تخضع للحسابات السياسيّة مهما كان الثمن وألا تكون تحت رحمة رضا كبار الأحزاب وأعني وزارات الدّفاع والدّاخلية والخارجية والعدل والتعليم، وكلها وزارات استراتيجية لا يمكن ان تخدم تونس اذا خضعت لضغوطات الأحزاب أو مصالحها أو حتى لتدخّلات بعض البرلمانيين... انّ لنا حكومة محاصصة ضعيفة لن تنجح في هذه الظروف و في ظلّ ثقافة مطلبية مستشرية وطالما أنّ لنا طبقة سياسية تخدم  ـ عامّة ـ مصالحها. لن تنجو تونس من هذا المأزق التاريخي وأبناء البلاد يتناحرون وعدم الاستقرار والفساد متفشيان والارهاب يهدّد والمؤسّسة الاقتصادية تحت الضغط والثقافة لا تلعب دورها أو مغيّبة. وحذار من التهاب الأسعار الذي يدمّر الطبقات الوسطى. انّ المجتمع التونسي يمرّ بأزمة أخلاقية واقتصادية وسياسية وثقافية خانقة ولا يمعقل أن نواصل تدحرجنا نحو الهاوية!
لقد كتبت في الماضي انّ تونس بحاجة الى حكومة قويّة وعادلة، لكن ـ للأسف ـ ليست لنا حكومة قويّة وعادلة ومسؤولية النهضة والنداء واضحة في هذا الانهيار! فكفى «ترقيعا» لا يعالج العدل والإعلام والتنمية الجهوية والاقلاع الاقتصادي والتهاب الأسعار وانهيار الدولة.